قال مبعوثون للأمم المتحدة إلى جمهورية أفريقيا الوسطى إن الجماعات المسلحة جندت نحو ستة آلاف طفل، وأجبرتهم على ارتكاب أعمال وحشية على أسس دينية في الصراع الذي تعاني منه البلاد ويهدد بالتحول إلى إبادة جماعية.
وقالت ليلى زروقي -الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة المعنية بالأطفال والصراعات المسلحة- إن تأثير الصراع على الأطفال 'كان شديدا بمستويات من الوحشية لم يسبق لها مثيل'.
وأضافت زروقي -في حديث لها أمام مجلس الأمن الدولي أمس الأربعاء- أن التقديرات الأخيرة أظهرت أن نحو ستة آلاف طفل ربما ارتبطوا بالجماعات المسلحة، 'واستغلهم الجانبان فانقسموا على أسس دينية'.
وقال آداما دينغ المستشار الخاص للأمين العام للأمم المتحدة المعني بمنع الإبادة الجماعية -في مداخلة أمام المجلس أيضا- إنه 'صُدم' من مستوى الكراهية بين المسيحيين والمسلمين.
وأوضح دينغ أن الهجمات المنتشرة على 'نطاق واسع دون رادع' التي يشنها مسلحو سيليكا السابقون ومليشيات بلاكا، فضلا عن هجمات المدنيين المسلحين المرتبطين بهم ضد المدنيين على أساس الدين أو العرق، 'تمثل جرائم ضد الإنسانية، وإذا لم توقَف فسيكون هناك خطر للإبادة الجماعية'.
تجدد العنف
وتأتي هذه التصريحات في وقت لا يزال العنف مستمرا في البلاد، حيث لقي عشرة أشخاص على الأقل حتفهم أمس في أعمال عنف جديدة بالعاصمة بانغي بين مقاتلي سيليكا (حركة التمرد السابقة التي يشكل المسلمون أغلبية عناصرها) وعناصر بلاكا (مليشيات مسيحية) قرب معسكر كاسايي في بانغي.
وقال شهود عيان إنهم شاهدوا جثث ستة من عناصر سيليكا أمام السجن المركزي وأربعة مدنيين على أطراف السجن، وأوضح مصدر دبلوماسي أن 'أربعة من سيليكا كانوا في السجن قتلوا على أيدي المليشيات المسيحية'، في حين ذكر كل من أسقف بانغي وإمامها أن الجزء الأكبر من أراضي الأرياف لا يزال تحت سيطرة زعماء الحرب.
ومن جهة أخرى، تستعد الرئيسة الجديدة لجمهورية أفريقيا الوسطى كاترين سمبا بنزا اليوم الخميس لأداء اليمين وتعيين أول رئيس وزراء في ولايتها، وذلك عقب انتخابها الاثنين خلفا للرئيس المكلف ألكسندر فردينان نغيندت الذي تولى مهامه بتكليف من المحكمة الدستورية خلفا للرئيس المستقيل ميشيل جوتوديا.
وأعلنت الرئيسة الجديدة -وهي مسيحية- أنها تبحث عن كفاءات وتريد حكومة تكنوقراط 'تتمتع باستقامة أخلاقية قوية'، فإذا وجدت رئيس وزراء مسلما تتوافر فيه هذه المعايير فلا ترى مانعا من تعيينه.
وكانت بنزا قد فازت في الجولة الثانية من الاقتراع السري الذي أجري في البرلمان محرزة 75 صوتا مقابل 53 لأقرب منافسيها ديزيريه كوليغيا، بعد أن تعذر حصول أي من المرشحين على الأغلبية المطلقة في الجولة الأولى التي تنافس فيها ثمانية مرشحين.
وتعد بنزا المولودة في 26 يونيو/حزيران 1954 أول امرأة في تاريخ أفريقيا الوسطى تتولى هذا المنصب، وكانت تشغل منصب رئيسة بلدية بانغي منذ عام 2011، وينظر إليها على أنها مناضلة قوية تتمتع بتجربة سياسية طويلة.
مهمة شاقة
وستتولى الرئيسة الجديدة مهمة إعادة السلم للبلاد وإعادة الحياة إلى إدارة شلت بالكامل، وتمكين مئات آلاف النازحين من العودة إلى منازلهم وتنظيم انتخابات عامة في موعد أقصاه النصف الأول من 2015.
وأثناء افتتاحها جلسة انتخاب رئيس جديد، استذكرت رئيسة المجلس الوطني الانتقالي ليا كوياسوم دومتا الظروف التي أدت إلى استقالة الرئيس جوتوديا في 10 يناير/كانون الثاني الجاري، وقالت إن مهمة الرئيس الجديد لن تكون سهلة.
وانزلقت أفريقيا الوسطى إلى الفوضى بعد سيطرة متمردي حركة سيليكا -ومعظمهم من المسلمين- على السلطة منذ نحو عشرة أشهر بعد الإطاحة بنظام الرئيس بوزيزي، وما تبع ذلك من حوادث عنف أسفرت عن سقوط مئات من القتلى وتشريد مئات الآلاف في هذا البلد البالغ عدد سكانه 4.5 ملايين نسمة.
وفي أوائل ديسمبر/كانون الأول الماضي تصاعد العنف بعد أن شنت المليشيات المسيحية هجمات على قوات سيليكا، مما أثار المخاوف من انتشار الصراع في جميع أنحاء البلاد.