غيب الموت بالأمس الزعيم المناضل الجنوب أفريقي نيلسون مانديلا عن عمر تجاوز 95 عاماً أمس بعد بصمات رائعة لعب فيها دوراً تاريخياً في تحرير بلاده و إنهاء نظام التفرقة العنصرية في جنوب افريقيا سواء بالمقاومة والكفاح المسلح والذي لقي بسببه عقوبة طويلة في السجن لمدة 27 عاماً ، أو في قيادة المقاومة السياسية والشعبية حتى تمت الإطاحة بهذا النظام المقيت ، ليقود البلاد إلى عصر جديد من التصالح والتسامح وإزالة آثار الكراهية والتعصب للون والجنس والتفرقة البغيضة حسب لون البشرة .
كان لمانديلا " كاريزما" طاغية غلبت عليها الحكمة والإنسانية وروح التسامح ، وعرف قيمة الرياضة ودورها في توحيد الشعب بكافة أطيافه وبعيداً عن العنصرية عن طريق استضافة بطولة العالم للرجبي عام 1995 وكانت الرياضة الخاصة بالبيض ، الذين كانوا يعتبرونه من قبل إرهابياً ، ولكنهم إحترموا تعاطفه معهم وإهتمامه الخاص بالبطولة فهتفوا له بالاستاد عندما حضر المباراة النهائية ، وبعدها بعام نظمت جنوب افريقيا كأس الأمم الافريقية رياضة السود وكرر فيها حضوره وإهتمامه وفازت بلاده باللقب وزاد ترابط وتوحد السود والبيض ، وظل يستغل الرياضة وانتصاراتها من أجل تحقيق هذا الهدف.
وفي عام 1998 عندما زرت جنوب افريقيا التي كانت تنظم دورة الالعاب الافريقية وحضرت افتتاحها في المقصورة الرئيسية بحضور الرئيس مبيكي الذي خلف مانديلا بعد نهاية مدة حكمه ، إستغربت غياب "الماديبا" أو العمدة بحسب اللهجة المحلية عن حفل الإفتتاح ، وعرفت أن الرجل الذي انتهى دوره الرسمي في الحياة السياسية ، لم يكن يود أن يسرق الأضواء أو يزاحم الرئيس الجديد رغم شعبيته التي إستمرت حتى موته.
وبعد ذلك بسنوات ، لعب مانديلا بنفسه دوراً رئيسيا في الترويج والتربيط لتفوز بلاده بتنظيم مونديال كأس العالم لكرة القدم عام 2010 ، وجاءت بفضله هذه البطولة الكبرى لأول مرة للقارة الأفريقية ، وكانت نقلة حضارية وثقافية واقتصادية لبلاده .
وظل مانديلا رمزاً لقيم الكفاح والنضال من أجل الحرية والعدل والمساواة والصمود في سبيل تحقيق ذلك وآمن بأن التسامح والإصلاح ونسيان الماضي هو الطريق الأفضل لتوحيد الأمة وإستحق حب وإحترام وتقدير شعب بلاده وشعوب العالم أجمع .